هل الماسونية تؤمن بالله؟..
في قلب كل الألغاز التي تحيط بالماسونية، يبرز سؤال واحد يثير الجدل أكثر من أي شيء آخر : هل الماسونية تؤمن بالله؟ هذا السؤال لا يجد إجابة بسيطة، فهو يتقاطع مع المعتقدات الدينية، الفلسفة، وحتى نظريات المؤامرة.
![]() |
هل الماسونية تؤمن بالله؟ |
يرى البعض في الماسونية منظمة سرية وثنية، بينما يدافع آخرون عنها كطريق روحي يجمع بين أتباع مختلف الديانات. الحقيقة، كما هي الحال دائماً، تكمن في مكان أكثر غموضاً وإثارة.
مهندس الكون : لغز الإيمان الأعظم..
الماسونية لا تفرض على أعضائها ديناً معيناً، لكنها تشترط الإيمان بـ"كائن أسمى" أو "إله". هذا الإله يُشار إليه غالباً بلقب "المهندس الأعظم للكون" (Great Architect of the Universe).
هذا المصطلح هو أحد أهم رموز الماسونية، وهو مصطلح شامل يسمح لأتباع الديانات الإبراهيمية (المسيحية، اليهودية، الإسلام) وحتى الديانات الأخرى بالانضمام، طالما أنهم يؤمنون بقوة عليا.
إنهم يعتقدون أن هذا المهندس الأعظم هو الذي صمم الكون بكل ما فيه من تناغم ودقة، وأنهم، كبنائين أحرار، يسعون لإكمال مشروعه الروحي. هذا الاعتقاد المفتوح هو ما يجعل الماسونية فريدة من نوعها، لكنه في الوقت نفسه ما يجعلها موضع شبهة بالنسبة للكثيرين.
من صراع الأديان إلى وحدة الإيمان..
إذا كان مقالنا السابق قد سلط الضوء على 👈 الماسونية مقابل الأديان، وكيف أن العلاقة بينهما اتسمت بالتوتر والاتهامات المتبادلة، فإن هذا المقال يغوص في جوهر هذه العلاقة.
فبينما اتهمت الكنيسة الماسونية بالكفر والهرطقة، واتهمتها بعض الفرق الإسلامية بالعمالة للشيطان، تدافع الماسونية عن نفسها بالقول إنها لا تتعارض مع الأديان، بل هي تجمعها على أرضية مشتركة.
هي ليست بديلاً للدين، بل هي إطار أخلاقي يهدف إلى تهذيب الروح والارتقاء بالإنسان. لكن هذا الدفاع لا يمنع من أن يرى البعض في مفهوم "المهندس الأعظم" محاولة لإخفاء عقائد وثنية، أو بديلاً غامضاً عن الإيمان الواضح والمحدد. هذا الصراع، بين التسامح المعلن والاتهامات الخفية، هو ما يجعل الماسونية لغزاً لا ينتهي.
هل الماسونية تؤمن بالله؟ بين النور والظل..
تستخدم الماسونية رموزاً دينية كثيرة، لكنها تفسرها بطريقة خاصة. ففي محافلها، يوجد دائماً "كتاب القانون المقدس" الذي يمثل كتاباً مقدساً لأي دين يعتنقه الأعضاء، سواء كان الإنجيل، القرآن، أو التوراة.
هذا التنوع يثير المزيد من التساؤلات : هل هذه المرونة هي دليل على التسامح أم على عدم الاكتراث بأي دين محدد؟ الماسونية نفسها تقول إن الإيمان بالله هو حجر الزاوية في فلسفتها، وأنها تشجع أعضاءها على الالتزام بدينهم. لكن الغموض الذي يحيط بطقوسها، وتاريخها السري، يجعل هذا الادعاء موضع شك لدى الكثيرين.
الإجابة الرسمية عن هل الماسونية تؤمن بالله؟. هي نعم. لكن الإجابة غير الرسمية، والتي تكمن في أعماق العقول والقلوب، هي لغز أكبر. فهل الإيمان بـ"المهندس الأعظم" هو إيمان حقيقي، أم مجرد شرط للانضمام إلى منظمة غامضة؟ هل هو تعبير عن الوحدة الروحية، أم عن التلاعب بالمعتقدات الدينية؟ إن البحث عن إجابة لهذا السؤال هو بمثابة البحث عن الحقيقة في متاهة من الرموز والكلمات. إن الماسونية، بإيمانها الغامض، تترك الباب مفتوحاً لكل الاحتمالات، وتجعل كل ما يحيط بها محلاً للتساؤل.
مصادر
هل الماسونية دين؟ - Folha do Litoral News
رأيك يهمنا, شارك في إرتقاء الموقع...