مُمَيَّز

مستشفى ويفرلي هيلز : صدى المعاناة وأسرار الأشباح..

مستشفى ويفرلي هيلز..

في ولاية كنتاكي بالولايات المتحدة الأمريكية، تقف شامخةً على قمة تل، تحكي جدرانها المتهالكة قصصاً من الألم والأمل المفقود، إنه مستشفى ويفرلي هيلز العلاجي. هذا الصرح الكبير، الذي بُني في بدايات القرن العشرين، كان يُعدّ في زمنه مركزاً رائداً لعلاج مرضى السل، ذلك المرض الفتاك الذي كان يجتاح العالم ويتطلب عزلاً صارماً للمرضى. 

مستشفى ويفرلي هيلز صدى المعاناة وأسرار الأشباح في كنتاكي
مستشفى ويفرلي هيلز
لكن مع مرور الوقت، لم يعد المستشفى مجرد مكان للعلاج؛ بل تحوّل إلى أيقونة للغموض والرعب، وباتت القصص حول كونه مسكوناً بالأرواح جزءاً لا يتجزأ من هويته.

عصر السل : الأمل المفقود والمعاناة الصامتة..

عندما فُتح مستشفى ويفرلي هيلز أبوابه في عام 1910، كان الأمل يحدو الأطباء والمرضى على حد سواء. كان السل، أو "الوباء الأبيض" كما كان يُعرف، مرضاً مزمناً ومُعدياً، لا يوجد له علاج فعال في ذلك الوقت. 

لذا، كان العزل الصارم، والهواء النقي، وأشعة الشمس هي الوسائل الوحيدة المتاحة لتخفيف معاناة المرضى. استقبل المستشفى آلاف المرضى، كثير منهم لم يغادروه إلا في توابيت. يُقدر أن عشرات الآلاف، وربما ما يصل إلى 63 ألفاً من المرضى، لقوا حتفهم داخل جدرانه، مما ترك وراءه إرثاً ثقيلاً من الحزن والألم.

في ذلك الوقت، كانت المعاملة قاسية ومحدودة. المرضى كانوا يُعزلون، وكثيراً ما كانت الأساليب الطبية تجريبية وقاسية. هذه الظروف القاسية، بالإضافة إلى العدد الهائل للوفيات، هي التي أسست الأرضية الخصبة لنمو الأساطير حول كون المستشفى مسكوناً بالأرواح، وتحول مستشفى ويفرلي هيلز من مكان للعلاج إلى بؤرة للظواهر الخارقة.

مستشفى ويفرلي هيلز والغرف المسكونة..

من أبرز الأساطير التي تحيط بمستشفى ويفرلي هيلز هو "نفق الموت" أو "The Body Chute". هذا النفق تحت الأرض، الذي يبلغ طوله حوالي 500 قدم، كان يُستخدم لنقل جثث الموتى من المستشفى إلى خارج المبنى، بعيداً عن أعين المرضى الآخرين، لكي لا تتأثر معنوياتهم بمنظر الجثث التي تُغادر المكان باستمرار. 

يُقال إن هذا النفق هو واحد من أكثر الأماكن المسكونة في المستشفى، حيث يرى الزوار أطيافاً، ويسمعون أصواتاً غريبة، ويشعرون ببرودة مفاجئة، مما يُوحي بأن أرواح الموتى لا تزال تجوب الممر الذي كان شاهداً على لحظاتهم الأخيرة.

بالإضافة إلى نفق الموت، تُشير القصص إلى غرف معينة داخل المستشفى تُعدّ بؤراً للنشاط الخارق. الغرفة 502 تُعتبر واحدة من أشهر هذه الغرف. يُقال إن ممرضة انتحرت فيها في عام 1928، ويُشاع أن شبحها لا يزال يظهر للزوار. 

كما تُروى قصص عن أشباح أطفال مرضى، يظهرون وهم يلعبون في القاعات، أو تُسمع أصوات ضحكاتهم الخافتة في الغرف الخالية. هذه الظواهر الغامضة جعلت من مستشفى ويفرلي هيلز وجهةً رئيسيةً لمحبي الغموض والتحقيقات الخارقة، حيث يأتون من جميع أنحاء العالم بحثاً عن دليل على وجود ما وراء الطبيعة.

في العقود الأخيرة، تحوّل مستشفى ويفرلي هيلز من مستشفى مهجور إلى مكان جذب سياحي فريد. تُقدم إدارة المستشفى جولاتٍ سياحيةً في الليل والنهار، وورش عمل للتحقيق في الظواهر الخارقة. 

هذه الجولات تتيح للزوار فرصة استكشاف المبنى، والاستماع إلى القصص المرعبة، وربما تجربة بعض الظواهر الغامضة بأنفسهم. إنها تجربة تُثير القشعريرة وتُسهم في الحفاظ على أسطورة المستشفى حية.

يتقاسم مستشفى ويفرلي هيلز في كنتاكي مع 👈 قلعة دراكولا في رومانيا سمةً مشتركةً تتمثل في الغموض المستوحى من ماضٍ قاسٍ ومؤلم. فكلاهما يُمثلان أماكن شهدت معاناةً هائلة، سواء كان ذلك بسبب المرض الفتاك والوفيات الجماعية في مستشفى ويفرلي هيلز، أو بسبب القسوة المفرطة والتعذيب الذي اشتهر به فلاد المُخوزِق في محيط قلعة دراكولا.

لكن يكمن الاختلاف في طبيعة الأرواح والقصص المحيطة بهما. ففي مستشفى ويفرلي هيلز : صدى المعاناة وأسرار الأشباح في كنتاكي، نجد أرواحاً يُفترض أنها تعود لمرضى ماتوا في ظروف مؤلمة، أرواح تبحث عن الراحة أو العدالة. بينما في قلعة دراكولا، تتعلق الأسطورة بشكل أساسي بشخصية واحدة تاريخية تحولت إلى رمز للشر الخارق. كلاهما يقدمان تجربة فريدة للزوار، تجعلهم يتساءلون عن طبيعة الحياة والموت، وعن الحدود الفاصلة بين الواقع والخيال، وكيف يمكن لصدى الماضي أن يبقى محفوراً في جدران الأماكن، ليحكي قصصاً لا تُنسى.

 مصادر 
الكاشف
الكاشف
أنا كاشف الأسرار، رفيقك في رحلة استكشاف أغوار التاريخ، الأساطير، والأحداث التي حيرت البشرية على مر العصور. في "عوالم خفية"، نغوص سوياً في قصص شخصيات محاطة بالسرية، حكايات قديمة لم تُروَ بعد بالكامل، ونفكك ألغازاً ظلت حبيسة صفحات الزمن. كل مقال هنا هو دعوة لكشف النقاب عن المجهول، وفهم ما يختبئ وراء الستار. انضم إليّ، ودعنا نضيء معاً تلك العوالم الخفية التي تنتظر من يكتشفها.
تعليقات



    "