الرسالة التي لم تصل من العدم..
في دوامة الحياة العصرية المليئة بالضجيج والقرارات المتسارعة، قد نجد أنفسنا في لحظات حرجة، على مفترق طرق، نبحث عن إشارة، عن بصيص أمل، عن أي شيء يقودنا نحو الصواب. كنتُ أظن أن الإلهام يأتي من الكتب، أو من نصائح الحكماء، أو حتى من صوت داخلي يصرخ في أعماق الروح. ولكن ما حدث معي في إحدى الأيام، كان أغرب من أي توقع.
![]() |
الرسالة التي لم تصل من العدم |
اسمي إبراهيم، وأنا من البحرين، وشاهد على قصة قد تبدو وكأنها خيال، ولكنها حقيقة عشتها بكل تفاصيلها : قصة الرسالة التي لم تصل من العدم. هذه الرسالة الغامضة، التي وصلتني من لا مكان، غيرت مسار حياتي إلى الأبد، وجعلتني أؤمن بأن هناك قوى خفية تعمل في الظلال، وتتدخل في حياتنا بأكثر الطرق إثارة للدهشة.
الضياع في مفترق الطرق : البحث عن بوصلة في بحر القلق..
قبل سنوات مضت، كنتُ أمر بفترة عصيبة في حياتي. كانت قرارات مصيرية تلوح في الأفق، تتعلق بمستقبلي المهني والشخصي. كنتُ أقف على مفترق طرق حقيقي، لا أعرف أي اتجاه أسلك.
هل أغير وظيفتي المستقرة في القطاع المصرفي لألاحق شغفي القديم بالعمل الحر؟ هل أقدم على خطوة الزواج التي طالما حلمت بها، أم أنتظر ظروفًا أفضل؟ كانت الأفكار تتلاطم في رأسي كأمواج البحر الهائج، وشعور بالضياع والقلق ينهش روحي. كنتُ أبحث عن إجابة، عن علامة، عن أي شيء يقودني، ولكن كل ما أجده هو المزيد من الحيرة.
اللحظة الحاسمة: رنين الهاتف يكسر حاجز المستحيل..
في أحد الأيام، بينما كنتُ أجلس في مقهى هادئ في المنامة، أحاول أن أجمع شتات أفكاري فوق فنجان قهوة، رن هاتفي. كانت رسالة نصية. لم يكن الأمر غريباً، فالرسائل النصية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا. ولكن هذه الرسالة كانت مختلفة. لم تكن من صديق، ولا من زميل عمل، ولا حتى من رقم تسويقي.
فتحت الرسالة، وإذا بنصها يبعث قشعريرة باردة في جسدي : "استمع إلى قلبك. ستجد الإجابة."
لم يكن هناك اسم للمرسل. مجرد رقم غريب. قرأت الرسالة مرة أخرى، ثم ثالثة. من أرسلها؟ كيف عرف ما كنت أمر به؟ كانت الكلمات بسيطة، لكن وقعها في قلبي كان هائلاً.
لغز الرسالة التي لم تصل من العدم..
بسرعة، حاولتُ الاتصال بالرقم. رغبةً مني في معرفة مصدر هذه الرسالة الغامضة. ولكن المفاجأة كانت صادمة. كلما حاولت الاتصال، كانت الرسالة الصوتية نفسها تتكرر : "الرقم الذي طلبته خاطئ أو غير متاح." كررت المحاولة عدة مرات، في كل مرة بنفس النتيجة.
شعرتُ بأن الأرض تهتز من تحتي. هل كانت هذه مزحة؟ هل كان شخص ما يعرفني ويختبئ خلف رقم مزيف؟ ولكن لماذا؟ وماذا عن دقة الرسالة التي لامست صميم حيرتي؟
هذه التجربة جعلتني أؤمن أن هذه لم تكن مزحة بشرية. بل كانت "الرسالة التي لم تصل من العدم"، رسالة من مصدر مجهول، من خارج حدود ما نعرفه.
نقطة التحول : عندما يصبح القلب هو الدليل الوحيد..
أخذتُ الرسالة على محمل الجد. كان هناك شيء في طريقة صياغتها، وفي توقيت وصولها، جعلني أثق بها. بدأتُ أراجع قراراتي. كنتُ على وشك اتخاذ قرار مصيري يتعلق بمستقبلي المهني، قرار مبني على المنطق والمخاطر المحسوبة، ولكنه لم يكن يرضي قلبي. تذكرتُ الرسالة: "استمع إلى قلبك."
اتخذتُ قراراً مختلفاً تماماً، قراراً يبدو جنونياً للبعض، ولكنه كان ينسجم تماماً مع ما يمليه قلبي. تراجعتُ عن الخطوة الأولى، وسلكتُ طريقاً آخر كان يبدو أكثر خطورة، ولكنه كان الطريق الذي يصرخ به شغفي وحلمي.
النتائج المذهلة : تغيير جذري نحو الأفضل..
لم يمر وقت طويل حتى بدأت أرى النتائج المذهلة. بعد أشهر قليلة، تغيرت حياتي للأفضل بشكل لم أكن أتخيله. المشاريع الجديدة التي بدأتُ بها ازدهرت، وتعرفتُ على أشخاص دعموا طريقي، وأصبحتُ أشعر بسعادة ورضا داخلي لم أعهدهما من قبل. لم أكن لأصل إلى هذه النقطة لولا تلك الرسالة الغامضة، وتلك الشجاعة التي استمددتها من كلمات لا تعرف لها مصدراً.
حتى يومنا هذا، لا أعرف من أرسل لي "الرسالة التي لم تصل من العدم". هل كانت إشارة من القدر؟ هل كانت دلالة على وجود كائنات أخرى تتواصل معنا بطرق غير مفهومة؟ هل هي جزء من "خفايا الغيب" التي تتخلل نسيج واقعنا؟
بالنسبة لي، لم تعد الإجابة مهمة بقدر أهمية الدرس الذي تعلمته. أصبحتُ أؤمن بأن هناك ما هو أكثر من مجرد المصادفة، وأن الكون يحتفظ بأسرار عظيمة.
قصتي "الرسالة التي لم تصل من العدم : همس الأقدار في هواتفنا". ليست مجرد حكاية شخصية، بل هي دعوة لنا جميعاً للاستماع إلى تلك الهمسات الخفية، إلى تلك الإشارات الغامضة التي قد تصلنا من العدم، لأنها قد تكون المفتاح لفتح أبواب جديدة في حياتنا. ففي بعض الأحيان، تكون الرسالة التي لا نعرف مصدرها هي الأهم على الإطلاق.
رأيك يهمنا, شارك في إرتقاء الموقع...