شيطان جيرسي..
في قلب غابات باين بارينز (Pine Barrens) المترامية الأطراف بولاية نيو جيرسي الأمريكية، حيث تتشابك أشجار الصنوبر الكثيفة وتهمس الرياح بأسرار الماضي، تختبئ أسطورة أكثر قتامة وإثارة للرعب من أي كائن آخر: شيطان جيرسي (Jersey Devil). يُعرف هذا الكائن المخيف أيضًا باسم "ليدجوود ديفيل"، وهو مخلوق يوصف بأنه ذو رأس حصان، وجناحين ضخمين مثل الخفاش، وأرجل خلفية تشبه أرجل الكنغر، وينتهي بذيل متشعب.
![]() |
شيطان جيرسي |
منذ أكثر من 250 عامًا، تتردد صرخاته المخيفة في الليل، وتتوالى المشاهدات الغريبة، مما يجعل سكان نيو جيرسي يتساءلون : هل هو الكابوس المجنح الذي يطارد غابات الجنوب؟ هل هو مجرد فولكلور محلي، أم حقيقة حية تتربص في الظلام؟
ولادة الكابوس : حكاية الأم ليدجوود..
تعود أسطورة شيطان جيرسي إلى منتصف القرن الثامن عشر، وتحديدًا إلى قصة "الأم ليدجوود" التي عاشت في منطقة باين بارينز. تقول الحكايات إن الأم ليدجوود، التي كانت لديها بالفعل 12 طفلاً، كانت لعنت طفلها الثالث عشر، قائلة إنها تتمنى أن يولد شيطانًا.
وفي ليلة عاصفة من عام 1735، يُقال إنها أنجبت طفلًا مشوهًا بوجه حصان، وجناحين، وقرون، وذيل. بعد أن عض المولود الغريب أمه، طار من المدخنة واختفى في الغابات المحيطة، ليصبح منذ ذلك الحين كابوسًا يطارد المنطقة.
هذه القصة، وإن كانت أقرب إلى الخرافة، إلا أنها وضعت أساسًا لأسطورة شيطان جيرسي. ومع مرور السنين، بدأت المشاهدات تتزايد، وأصبحت سمعة الكائن تنتشر في جميع أنحاء الولاية.
الناس يتحدثون عن حيوانات ماشية مذبوحة بطريقة غريبة، وعن صرخات حادة تُسمع من أعماق الغابة، وعن رؤى سريعة لمخلوق مجنح يطير في سماء الليل.
قرن من الرعب : من المشاهدات الفردية إلى الذعر الجماعي..
على مر القرون، تواصلت مشاهدات شيطان جيرسي، ولكن الفترة الأكثر كثافة كانت في يناير 1909. شهدت تلك الأسابيع "حمى شيطان جيرسي"، حيث أبلغ مئات الأشخاص، بمن فيهم رجال شرطة ومسؤولون حكوميون، عن رؤيتهم للكائن أو سماعهم لأصواته.
في مدينة كامدن، أبلغ سائقو عربات الترام عن رؤية مخلوق مجنح يطير بجانب سياراتهم. عثر على آثار أقدام غريبة في الثلوج، وصور لم تكن واضحة بما يكفي لتحديد هويته.
وصل الأمر إلى حد أن المدارس أغلقت أبوابها، والمصانع أوقفت العمل، وخرج الناس مسلحين بحثًا عن المخلوق. كان الذعر حقيقيًا، وأدت هذه الأحداث إلى ترسيخ مكانة شيطان جيرسي كواحد من أشهر الكائنات الغامضة في الفولكلور الأمريكي. وحتى اليوم، تستمر التقارير المتفرقة في الظهور، مما يبقي الأسطورة حية.
نظريات محيرة : هل شيطان جيرسي حقيقة أم كذبة؟..
بينما يحاول البعض إيجاد تفسيرات عقلانية لظاهرة شيطان جيرسي، يصر آخرون على طبيعته الخارقة. من بين التفسيرات المحتملة :
- حيوان نادر أو مشوه : قد تكون بعض المشاهدات لحيوانات برية عادية (مثل البوم، أو الغزلان المصابة بتشوهات خلقية) تم تحديدها بشكل خاطئ بسبب الخوف والذعر.
- خداع أو خدعة : خلال "حمى شيطان جيرسي" في عام 1909، ظهرت العديد من الخدع، مثل وضع آثار أقدام مزيفة أو إطلاق بالونات على شكل الكائن.
- فولكلور وثقافة : من الممكن أن تكون الأسطورة قد نمت وتطورت عبر الأجيال، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من الهوية المحلية لمنطقة باين بارينز.
وكما هو الحال مع 👈 الكراكن الذي يتربص في أعماق المحيطات، يمثل شيطان جيرسي الخوف من المجهول الذي يكمن على اليابسة. فبينما يهدد العملاق البحري السفن في بحار العالم، يثير شيطان جيرسي الرعب في قلوب سكان نيو جيرسي من خلال صرخاته المخيفة وظهوره الغامض في الغابات. كلاهما يجسدان الكوابيس التي يمكن أن ينسجها الخيال، أو ربما الحقيقة التي تتوارى عن أعيننا في العوالم الخفية.
على الرغم من مرور قرون على أول ظهور له، لا يزال شيطان جيرسي يحتل مكانة بارزة في الثقافة الشعبية لولاية نيو جيرسي. المئات من الكتب، والأفلام، والبرامج التلفزيونية، والأغاني تناولت قصته، مما يبقيه حيًا في أذهان الناس. وحتى اليوم، هناك من يزعمون أنهم سمعوا أو رأوا هذا الكائن الغامض.
هل هو مجرد أسطورة قديمة ترفض أن تموت؟ أم أنه كيان حقيقي لم يكشف العلم عن أسراره بعد؟ في غابات باين بارينز المظلمة، حيث يختلط الواقع بالخيال، يظل شيطان جيرسي يتربص، نذيرًا دائمًا لوجود عالم من الأسرار الخفية التي تنتظر من يكتشفها. وفي كل مرة تتردد فيها صرخة غريبة في الليل، يتجدد السؤال: هل هذا هو شيطان جيرسي، أم أنه مجرد وهم؟
مصادر
شيطان نيوجيرسي تعرف على الكائن الغريب - موقع أهل مصر
Jersey Devil - Fact or Fiction? - atlanticcountynj
رأيك يهمنا, شارك في إرتقاء الموقع...