جن يسكن معنا..
اسمي سعيد عامر، وأنا أعيش في دبي. لطالما اعتبرت نفسي شخصاً عقلانياً، لا يؤمن بالخوارق أو الأساطير. لكن قصتي هذه، التي بدأت منذ اللحظة الأولى لدخولي شقتي الجديدة، غيرت كل قناعاتي. كانت الشقة تبدو مثالية : فسيحة، مضاءة جيداً، وتطل على منظر خلاب.
![]() |
جن يسكن معنا |
لكن من أول لحظة، شعرت بشيء غريب، إحساس ثقيل ومخيف، كأن هناك جن يسكن معنا ويراقب كل تحركاتي. كان الهواء نفسه يبدو أثقل، وكأنني لا أستطيع أن أتنفس بحرية.
ظلالٌ وهمساتٌ تكسر حاجز الواقع..
لم تمر الأيام الأولى دون أن تظهر علامات مقلقة. في البداية، كانت مجرد أمور بسيطة، كالخيالات التي أراها بطرف عيني وهي تتحرك بسرعة في الممرات، أو صوت خطوات هادئة لكن واضحة في الطرقة، حتى عندما كنت متأكداً أن لا أحد معي في المنزل.
كان هناك أيضاً صوت غريب ومزعج، يشبه صوت خشبة تتخربش ببطء في مكان بعيد لا أستطيع تحديده. كنت أحاول دائماً أن أجد تفسيراً منطقياً لكل شيء، ربما هو الإرهاق، أو مجرد وهم. لكن كل هذا تغير بسبب سؤال بريء من ابني الصغير.
في يوم من الأيام، بينما كان يرسم في الصالة، نظر إلي ببراءة وسألني : "بابا، مين الست اللي واقفة بتبص عليا من الطرقة؟" تجمدت في مكاني. نظرت بسرعة نحو الطرقة، لم يكن هناك أحد.
حاول قلبي أن يهدأ، وأخبرت ابني أنها مجرد خيالات، لكنه أكد لي أنه رآها بوضوح. ومنذ تلك اللحظة، تحول القلق إلى خوف حقيقي، وبدأ كل صوت أو ظل عابر في المنزل يبدو كتهديد مباشر لي ولعائلتي.
ليلة الرعب : حين يخرج الخوف من الظلام..
في إحدى الليالي، كان البيت يلفه صمت مطبق. كنت جالسا أقرأ كتاباً، وفجأة، سمعت صوت خبطة قادمة من المطبخ. حاولت أن أهدئ من روعي، وأخبرت نفسي أنها ربما تكون الرياح أو شيء قد سقط من تلقاء نفسه. لكن بعدها، سمعت خطوات. كانت هادئة وبطيئة، وكأن شخصاً يمشي في الطرقة محاولاً ألا يصدر صوتاً.
توقفت قطتي التي كانت نائمة بجواري عن حركتها، وقف شعرها، وبدأت تصدر صوت هسهسة وتنظر إلى الباب بتوتر. شعرت أن قلبي سيخرج من صدري. جمعت شجاعتي وخرجت للطرقة. كانت الخطوات قد اختفت، لكن الهواء كان أبرد وأثقل، كما لو كان هناك وجود غير مرئي قد مر للتو.
عدت إلى غرفتي، أغلقت الباب بإحكام، وحاولت تهدئة نفسي، لكن الصدمة الحقيقية جاءت بعد لحظات. سمعت صوت خبط على باب الغرفة، ثم صرخة مرعبة من غرفة ابني.
ركضت إليه وأنا بالكاد أستطيع تحريك قدمي من شدة الخوف. وجدته جالساً على السرير، ووجهه شاحب. "بابا، هي هنا تاني"، قالها وهو يشير إلى ركن مظلم في الغرفة.
نظرت إلى الركن، ورأيت شيئاً. كان أشبه بظل، أغمق من الظلام نفسه، واختفى في لمح البصر قبل أن أتمكن من رؤيته بوضوح. حضنته بقوة وأخبرته أنني بجانبه، لكنني في داخلي كنت أشعر بالرعب.
تصاعد أحداث جن يسكن معنا..
الأيام التي تلت ذلك كانت أسوأ. كل ليلة كانت تحمل معها حدثاً أغرب من سابقه. ذات ليلة، استيقظت على صوت عال، وخرجت لأجد المرآة في الصالة قد سقطت وتحطمت. عندما حاولت إخبار زوجتي بما يحدث، نظرت إلي بعدم تصديق، وقالت إنها مجرد توتر، وطلبت مني أن أهدأ وأنام.
لكنها لم تشعر بالخوف الذي عشته، لم ترَ قطتي التي أصبحت ترفض دخول غرف معينة، ولا الهمسات التي بدأت أسمعها في الليل، ولا الأشياء التي تختفي ثم تظهر في مكانها الأصلي.
في يوم من الأيام، سمعت صوتاً خافتاً قادماً من السقف، همساً تحول تدريجياً إلى ضحكة خبيثة. أيقظت زوجتي، لكن عندما ذهبنا للتأكد، لم يكن هناك شيء. كنت متأكداً أن هذا الكيان كان يلعب معنا.
ثم بدأت رسومات ابني تتغير. بدلاً من رسوماته البريئة، أصبح يرسم أشكالاً غريبة، ووجوهاً مخيفة بعيون فارغة وابتسامات شريرة. قال لي: "بابا، هي زعلانة منك". وحين سألته من هي، أجاب: "الست اللي في الطرقة".
الحقيقة المخيفة: قصة لم تنتهِ..
لم أعد أحتمل. طلبت من شخص متخصص في هذه الأمور أن يساعدنا. بمجرد دخوله الشقة، سألني: "هل حدث شيء للمرآة هنا مؤخراً؟" عندما أخبرته عن المرآة المكسورة، قال إن هناك كياناً يحاول أن يظهر، وأنه موجود في هذا المنزل منذ فترة طويلة. حاول أن يقوم بتطهير للمنزل، لكن الأمور ازدادت سوءاً بعد مغادرته. الأضواء أصبحت تضيء وتنطفئ من تلقاء نفسها، وسمعت صرخات رهيبة في منتصف الليل.
كانت آخر مرة رأيت فيها الكيان في غرفة ابني. كان طويلاً ورفيعاً، بوجه غير واضح وعينين فارغتين. رغم أنه اختفى بعدها، إلا أنني أيقنت أن قصة جن يسكن معنا : لغزٌ خفي من قلب دبي.. لم تنتهِ، وأن هذا الكيان سيظل معنا. والأغرب من ذلك، أنني بدأت أراه في الطرقة أيضاً.
سعيد عامر
رأيك يهمنا, شارك في إرتقاء الموقع...