مُمَيَّز

اختفاء طاقم ماري سيليست : سفينة الأشباح الأطلسية..

اختفاء طاقم ماري سيليست..

في تاريخ البحار، تظل بعض الحكايات محفورة في ذاكرة البشرية كألغاز محيرة، تتحدى المنطق وتثير الخيال. من بين هذه القصص، تبرز قصة اختفاء طاقم ماري سيليست كواحدة من أكثر الألغاز البحرية شهرة وغموضًا. في عام 1872، عُثر على سفينة شراعية أمريكية تُدعى "ماري سيليست" تائهة في مياه المحيط الأطلسي الهائجة، تبدو وكأنها سفينة أشباح.

اختفاء طاقم ماري سيليست سفينة الأشباح الأطلسية
اختفاء طاقم ماري سيليست
كانت السفينة سليمة، وحمولتها من الكحول الصناعي في مكانها، ولكن لم يكن هناك أثر واحد لطاقمها المكون من سبعة بحارة، بالإضافة إلى قبطانها بنجامين بريغز وعائلته.

اكتشاف سفينة الأشباح الأطلسية..

في 4 ديسمبر 1872، كانت السفينة الكندية ديا غراتيا في طريقها من نيويورك إلى جبل طارق عندما رصد طاقمها سفينة تبدو وكأنها في حالة غريبة. كانت تبحر بشكل غير منتظم، وعلى ما يبدو بلا قيادة. 

عندما اقتربت "ديا غراتيا"، اكتشف الكابتن "ديفيد مورهاوس" أن السفينة المهجورة هي "ماري سيليست"، التي غادرت نيويورك قبل تسعة أيام فقط من سفينته، وكانت متجهة إلى جنوة بإيطاليا. والغريب في الأمر أن كابتن السفينتين كانا صديقين مقربين، وتناولا العشاء معًا قبل أيام من انطلاق رحلتيهما.

عند الصعود على متن "ماري سيليست"، وجد طاقم "ديا غراتيا" أن كل شيء يبدو في مكانه الصحيح، باستثناء غياب الطاقم. لم تكن هناك علامات على صراع أو عنف. 

كانت القوارب النجاة مفقودة، مما يشير إلى أن الطاقم ربما غادر السفينة في عجلة من أمره. الأمتعة الشخصية للقبطان وعائلته كانت لا تزال موجودة، وحتى الطعام كان جاهزًا للأكل في المطبخ. ساعة السفينة كانت متوقفة، والمستلزمات البحرية مثل البوصلة والسدس (آلة قياس الزاوية) كانت مفقودة.

نظريات محتملة عن اختفاء طاقم ماري سيليست..

منذ اكتشافها، أُثيرت العديد من النظريات لتفسير لغز اختفاء طاقم ماري سيليست، ولكن لم يتمكن أي منها من تقديم دليل قاطع.
  1. القرصنة : كانت هذه من أوائل النظريات التي طرحت. ولكن عدم وجود علامات عنف أو سرقة البضاعة يتعارض مع هذه الفرضية. 
  2. هجوم مخلوقات بحرية : اقترح البعض أن هجومًا من حبار عملاق أو وحش بحري آخر قد يكون دفع الطاقم إلى مغادرة السفينة.
  3. التمرد : نظرية أخرى تشير إلى تمرد داخلي من قبل الطاقم ضد القبطان، ولكن عدم وجود علامات صراع يدحض هذه الفكرة.
  4. الكوارث الطبيعية أو سوء الأحوال الجوية : ربما واجهت السفينة عاصفة عنيفة أو موجة ضخمة أجبرت الطاقم على إخلاء السفينة بسرعة. ولكن السفينة لم تكن متضررة بشكل كبير، مما يجعل هذا الاحتمال ضعيفًا.
  5. خطأ في التقدير : اقترح البعض أن كابتن بريغز، المعروف بكونه حذرًا، ربما يكون قد ظن أن السفينة في خطر وشيك (ربما بسبب تسرب المياه) وأمر الطاقم بمغادرتها في قوارب النجاة، ليعودوا إلى السفينة بعد زوال الخطر، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك.
  6. أبخرة الكحول : كانت "ماري سيليست" تحمل شحنة من الكحول الخام، التي يمكن أن تنتج أبخرة قابلة للاشتعال والانفجار. يعتقد البعض أن القبطان ربما أمر بإخلاء السفينة مؤقتًا بسبب تراكم هذه الأبخرة، معتقدًا أن انفجارًا وشيكًا سيحدث.

التداعيات والتأثير الثقافي..

ظل لغز اختفاء طاقم ماري سيليست مصدر إلهام للعديد من الكتاب، مثل آرثر كونان دويل الذي كتب قصة قصيرة مستوحاة من الحادثة. أصبحت السفينة رمزًا للسفينة المهجورة أو "سفينة الأشباح"، وتستخدم القصة اليوم كتحذير بحري وكدراسة حالة للتحقيقات في الحوادث الغامضة.

يُمكننا أن نربط لغز اختفاء طاقم ماري سيليست باللغز الصوتي الذي تناولناه سابقًا، 👈 همهمة تاوس. في كلتا الحالتين، نحن أمام ظواهر تتحدى التفسير المنطقي والعلمي، وتثير تساؤلات حول ما هو غير مرئي أو غير مسموع. فبينما تُعد "ماري سيليست" صمتًا مدويًا في قلب المحيط، حيث اختفى طاقمها دون أثر، فإن "همهمة تاوس" هي صوت غامض يتردد في صحراء نيو مكسيكو، لا يُسمع إلا من قِلة، ولا يُعرف مصدره. 

كلا اللغزين يمثلان تحديًا للعقل البشري في سعيه لفهم العالم من حوله، ويُظهران أن بعض أسرار الكون قد تظل طي الكتمان إلى الأبد، سواء كانت على متن سفينة تائهة في عرض البحر أو في صوت غامض يتردد في صحراء نائية. 

إن اختفاء طاقم ماري سيليست يظل واحدًا من أكثر الألغاز البحرية المحيرة في التاريخ. على الرغم من مرور أكثر من قرن ونصف، لم يتمكن أحد من فك رموز ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم. تظل السفينة الشراعية ذكرى خالدة للغموض الذي يكتنف البحار، وتذكيرًا بأن بعض القصص قد لا تجد تفسيرًا أبدًا، وستبقى محفورة في ذاكرتنا كشاهد على قوة المجهول.

 مصادر 
ماري سيليست قصة غامضة لسفينة اختفت وظهرت من العدم - موقع Misaha
الرابع من ديسمبر 1872.. يوم ظهرت سفينة الأشباح - الجزيرة نت
الكاشف
الكاشف
أنا كاشف الأسرار، رفيقك في رحلة استكشاف أغوار التاريخ، الأساطير، والأحداث التي حيرت البشرية على مر العصور. في "عوالم خفية"، نغوص سوياً في قصص شخصيات محاطة بالسرية، حكايات قديمة لم تُروَ بعد بالكامل، ونفكك ألغازاً ظلت حبيسة صفحات الزمن. كل مقال هنا هو دعوة لكشف النقاب عن المجهول، وفهم ما يختبئ وراء الستار. انضم إليّ، ودعنا نضيء معاً تلك العوالم الخفية التي تنتظر من يكتشفها.
تعليقات



    "