السيدة بابوشكا..
في السادس والعشرين من نوفمبر عام 1963، تحولت دالاس، تكساس، إلى مسرح لجريمة هزت العالم: اغتيال الرئيس الأمريكي جون إف كينيدي. وبينما تركزت الأنظار على لي هارفي أوزوالد كالمشتبه به الرئيسي، ظهرت شخصية غامضة في خلفية الأحداث، امرأة باتت تُعرف بـ السيدة بابوشكا. هذه المرأة، التي التقطت عدستها لحظات الاغتيال بأكملها، أثارت وما زالت تثير تساؤلات لا نهاية لها حول دورها الحقيقي في هذا اليوم المشؤوم.
 |
السيدة بابوشكا |
ظهور غريب في لحظة حاسمة..
في اللقطات المصورة والشاهدة على اغتيال كينيدي، يظهر موكب الرئيس وهو يمر ببطء في دالي بلازا. وبين الحشود المتجمعة على طول الطريق، تقف امرأة ترتدي معطفًا سميكًا وتغطي رأسها بوشاح يُشبه إلى حد كبير أغطية الرأس التقليدية الروسية، أو "بابوشكا"، ومن هنا جاء لقبها. الملفت في الأمر هو أنها كانت تحمل كاميرا وتوجهها نحو الموكب في اللحظات التي تلت إطلاق النار مباشرة.
بينما كان معظم المتواجدين يركضون للاحتماء أو للاستجابة لما حدث، ظلت السيدة بابوشكا في مكانها، تواصل التصوير. لم تظهر عليها أي علامات ذعر أو خوف، بل بدت وكأنها تركز بشكل كامل على توثيق المشهد. هذه الملاحظة وحدها كانت كافية لإثارة الشكوك حول دوافعها.
مطالبات الـ FBI والاختفاء..
بعد الاغتيال، بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) حملة مكثفة لجمع كل الأدلة المتاحة، بما في ذلك أي صور أو أفلام تم التقاطها في دالي بلازا.
تم نشر إعلانات في الصحف المحلية والقنوات التلفزيونية تطالب أي شخص يملك معلومات أو لقطات بالتقدم. كانت لقطات
السيدة بابوشكا محورية، حيث كان يعتقد أنها قد تحتوي على تفاصيل حاسمة حول إطلاق النار ومصدره.
لكن الغريب هو أن السيدة بابوشكا لم تتقدم أبدًا. على الرغم من الدعوات المتكررة من الـ FBI، بقيت هويتها مجهولة. لم يظهر أي شخص يدعي أنه هي، ولم يتم العثور على الكاميرا التي كانت تحملها. اختفاؤها الغامض بعد الحدث زاد من التكهنات حولها: لماذا لم تظهر؟ وماذا كانت تخفي؟
السيدة بابوشكا نظريات وتكهنات..
تتراوح النظريات حول السيدة بابوشكا من كونها مجرد شاهدة خائفة فضلت البقاء مجهولة، إلى كونها متورطة بشكل ما في المؤامرة. يرى البعض أنها ربما كانت مصورة محترفة أو هاوية أرادت فقط توثيق الحدث، وأنها لم ترغب في التعرض للمتاعب أو الاستجواب من قبل السلطات.
لكن النظريات الأكثر إثارة للجدل تشير إلى دور أكبر لها. هل كانت جزءًا من عملية الاغتيال؟ هل كانت تصور لغرض آخر غير مجرد التوثيق؟ هل كانت تعمل لصالح جهة معينة؟ هذه التساؤلات لم يتم الرد عليها أبدًا، وبقيت السيدة بابوشكا شخصية غامضة، رمزًا للأسرار التي لا تزال تحيط بواحدة من أكبر الجرائم في التاريخ الأمريكي.
تمامًا كما حير 👈
رجل تاوريد السلطات في مطار طوكيو عام 1954 بقدومه من دولة غير موجودة واختفائه الغامض، تثير السيدة بابوشكا تساؤلات مماثلة حول طبيعة الحقيقة والواقع.
كلاهما شخصيات ظهرت في لحظات تاريخية حاسمة، وأحيطت بظروف غامضة، ثم اختفيا بلا أثر، تاركين وراءهما ألغازًا لم يتم حلها.
رجل تاوريد قد يكون جاء من زمن أو بُعد آخر، بينما السيدة بابوشكا قد تكون شاهدة صامتة على مؤامرة أكبر. كلاهما يمثلان الفجوة بين ما نراه وما نفهمه، ويثيران فكرة أن هناك دائمًا المزيد مما هو غير مرئي، وأن بعض الأسرار لا يقصد لها أن تُكشف أبدًا، بغض النظر عن الجهود المبذولة لفك شفرتها. قصتهما تذكرنا بأن التاريخ مليء باللحظات التي تتحدى التفسير المنطقي، وأن بعض الشخصيات قدر لها أن تظل رموزًا للغموض الأبدي.
تستمر قصة السيدة بابوشكا شاهدة أم متورطة في اغتيال كينيدي؟ في إثارة فضول الناس. صورها في دالي بلازا تُعرض مرارًا وتكرارًا في الأفلام الوثائقية والبرامج التلفزيونية التي تتناول اغتيال كينيدي. كلما تم إعادة النظر في القضية، تطفو صورتها على السطح، لتذكرنا بوجود شاهدة رئيسية محتملة، ربما كانت تملك قطعة أساسية من اللغز، لكنها اختارت، أو أجبرت، على الصمت والاختفاء إلى الأبد.
مصادر
رأيك يهمنا, شارك في إرتقاء الموقع...