جسر أوفرتون..
في الريف الاسكتلندي الأخاذ، بالقرب من بلدة دمبارتون، يقبع هيكل حجري قديم يحمل في طياته واحدة من أغرب الظواهر الغامضة في العالم : جسر أوفرتون. هذا الجسر التاريخي، الذي شُيد في عام 1895، أصبح يُعرف باسم جسر الكلاب المنتحرة بسبب سلسلة من الأحداث المحيرة التي بدأت منذ أكثر من خمسين عامًا ولا تزال تتكرر حتى اليوم.
![]() |
جسر أوفرتون |
الكلاب التي تعبر الجسر فجأة وبشكل غير مبرر، تقفز من أعلى الجسر لتهوي عشرات الأمتار إلى قاع الوادي الصخري بالأسفل، في مشهد لا يجد له العلم تفسيرًا واضحًا حتى الآن.
كلاب تقفز من نفس النقطة..
الظاهرة المرعبة بدأت تظهر في الستينيات من القرن الماضي، ومنذ ذلك الحين، قفزت مئات الكلاب من الجسر، مما أدى إلى مقتل أو إصابة العديد منها بجروح خطيرة.
الغريب في الأمر هو أن الكلاب غالبًا ما تقفز من نفس النقطة على الجانب الأيمن من الجسر، وكأن هناك قوة خفية تدفعها. وحتى الكلاب التي تنجو من السقوط، غالبًا ما تحاول القفز مرة أخرى إذا أتيحت لها الفرصة، مما يضيف طبقة أخرى من الغموض إلى هذا اللغز الحيواني.
جسر أوفرتون ليس مجرد مكان شهد حوادث فردية؛ بل أصبح موقعًا لأكثر من 50 حالة وفاة مؤكدة للكلاب، ومئات من محاولات القفز. أثارت هذه الظاهرة حيرة أصحاب الكلاب والباحثين وخبراء السلوك الحيواني على حد سواء. ما الذي يدفع هذه الحيوانات الأليفة والمخلصة إلى مثل هذا الفعل اليائس؟
جسر أوفرتون : نظريات..
ظهرت العديد من النظريات محاولةً تفسير هذا السلوك الغريب. إحدى النظريات الأكثر شيوعًا والأكثر غموضًا هي أن جسر أوفرتون هو مكان تتلاقى فيه عوالم مختلفة، أو أن له قوى ميتافيزيقية تؤثر على الكلاب.
يعتقد البعض أن الجسر مسكون بشبح "السيدة البيضاء"، وهي روح يُعتقد أنها تجوب المنطقة، وأن وجودها هو الذي يحث الكلاب على القفز. هذه الروايات تضيف بُعدًا أسطوريًا للجسر، وتحوله من مجرد هيكل حجري إلى بوابة إلى المجهول.
من ناحية أخرى، قدمت التفسيرات العلمية والعقلانية بعض النظريات الأقل درامية. إحدى هذه النظريات تركز على حاسة الشم القوية لدى الكلاب. يُعتقد أن رائحة بعض الثدييات الصغيرة، مثل فئران المنك التي تعيش بكثرة تحت الجسر وبين شقوق الصخور، قد تجذب الكلاب بقوة لا تقاوم.
هذه الرائحة القوية، خاصة في الأيام المشمسة والدافئة حيث تكون الروائح أكثر تركيزًا، قد تدفع الكلاب إلى محاولة القفز للحاق بـ"الرائحة" دون إدراك لخطورة الارتفاع. كما يُقترح أن ارتفاع الجدران الجانبية للجسر قد يحجب الرؤية عن الكلاب، مما يجعلها تعتقد أن القفزة أقصر بكثير مما هي عليه في الواقع.
على الرغم من الاختلاف الكبير بين جسر أوفرتون و 👈 الشاطئ المخفي في المكسيك، إلا أنهما يتشاركان في خيط رفيع من الغموض يتحدى التفسير الكامل. ففي حين أن الشاطئ المخفي يحمل جمالًا سريًا أوجدته ظروف غير متوقعة، فإن جسر أوفرتون يمثل جانبًا مظلمًا للغموض، حيث تُظهر الطبيعة أو قوى مجهولة سلوكًا غير عادي يفوق فهمنا. كلاهما وجهات فريدة، ينجذب إليها الفضوليون، ولكن كل منهما يقدم نوعًا مختلفًا من الحيرة والدهشة التي تبقى عالقة في الأذهان.
يبقى جسر أوفرتون لغزًا معلقًا في الضباب الاسكتلندي. سواء كان السبب روائح حيوانات، خداعًا بصريًا، أو قوى خارقة للطبيعة، فإن الجسر يستمر في جذب الانتباه ويثير تساؤلات حول العلاقة بين البشر والحيوانات، وبين عالمنا المادي والعوالم غير المرئية. ورغم كل النظريات، يظل السؤال المحوري بلا إجابة قاطعة: ما الذي يدفع الكلاب للقفز من جسر أوفرتون؟..
مصادر
قس يفسر ظاهرة انتحار الكلاب - سكاي نيوز عربية.
انتحار الكلاب على جسر أوفرتون لغز يحيّر العالم - التلفزيون العربي.
Overtoun Bridge - Wikipedia
رأيك يهمنا, شارك في إرتقاء الموقع...