مُمَيَّز

الماسونية في العالم العربي : تاريخ وحضور غامض..

الماسونية في العالم العربي..

عندما يثار الحديث عن الماسونية، تتجه الأنظار غالبًا إلى الغرب، حيث نشأت وتوسعت المنظمة. لكن حضور الماسونية في العالم العربي يحمل تاريخًا خاصًا، محاطًا بالغموض والجدل، ويختلف تمامًا عن صورتها في أوروبا وأمريكا.

الماسونية في العالم العربي تاريخ وحضور غامض
الماسونية في العالم العربي
على عكس ما هو شائع، لم تكن الماسونية في المنطقة مجرد كيان سري، بل كانت جزءًا من حركات فكرية واجتماعية في فترة معينة، قبل أن تنحسر وتصبح موضوعًا لنظريات المؤامرة.

الماسونية في العالم العربي : البدايات..

دخلت الماسونية إلى العالم العربي لأول مرة في أواخر القرن الثامن عشر، مع الوجود الأوروبي في المنطقة. تأسست أولى المحافل في مدن مثل القاهرة والإسكندرية في مصر، وبيروت ودمشق في بلاد الشام. 

لم يكن الهدف الأساسي لهذه المحافل هو السيطرة السياسية، بل كانت بمثابة نوادٍ اجتماعية وفكرية، تجمع النخب المتعلمة من المسلمين والمسيحيين واليهود.

استقطبت الماسونية في تلك الفترة العديد من المفكرين والسياسيين والأدباء العرب، الذين رأوا فيها منبرًا لتبادل الأفكار الليبرالية والوطنية، بعيدًا عن رقابة السلطة التقليدية.  كان يُنظر إليها كجسر للتواصل مع الحضارة الغربية، ووسيلة لتبني مبادئ التنوير مثل الأخوة والحرية والمساواة.

كانت المحافل في هذه الفترة تتبنى أجندة إصلاحية، وتدعو إلى التسامح الديني والوحدة الوطنية، وهو ما جعلها في بعض الأحيان تصطدم مع التيارات المحافظة.

من التنوير إلى المؤامرة : التحول التاريخي..

لكن هذا الدور لم يدم طويلاً. فمع تراجع الاستعمار الأوروبي، بدأ الخطاب المعادي للماسونية في الظهور، واختلطت الحقائق بالأساطير. تم اتهامها بأنها أداة للاستعمار الغربي، وأنها تعمل على تفتيت الوحدة الوطنية وضرب القيم العربية والإسلامية.

هذا التحول في النظرة إلى الماسونية لم يأت من فراغ، بل كان مرتبطًا بشكل وثيق 👈 بنظريات المؤامرة الماسونية التي شاعت في العالم الغربي، خاصة تلك التي ربطت الماسونية بالصهيونية، واعتبرتها أداة لتحقيق أهداف سرية. 

وقد تم استيراد هذه الأفكار إلى العالم العربي وتكييفها مع السياق المحلي، مما أدى إلى شيوع نظريات المؤامرة اليهودية الماسونية. هذه الأفكار ترسخت في الوعي الجمعي، وأصبحت جزءًا من الثقافة العامة، وتسببت في حظر المنظمة في معظم الدول العربية.

الحاضر : حضور غامض والسرية التامة..

اليوم، تكاد تكون الماسونية في العالم العربي غير موجودة بشكل علني. فمعظم الدول العربية، باستثناء لبنان، تحظر نشاط المحافل الماسونية بشكل رسمي. هذا الحظر دفع أي وجود محتمل للمنظمة إلى السرية التامة، مما يغذي بدوره الشكوك ويجعل من الصعب التحقق من أي معلومات عنها.

الجدل حول الماسونية في المنطقة لا يزال مستمرًا. فمن جهة، هناك من يرى أنها منظمة هدامة وخطيرة على الأمن القومي والدين، وأنها مجرد واجهة لجهات خارجية. 

ومن جهة أخرى، يرى البعض أن حظرها يأتي في سياق سياسي وثقافي يهدف إلى تبرير القمع، وأنها في حقيقتها منظمة أخوية لا تختلف كثيرًا عن غيرها من الجمعيات السرية.

يُظهر تاريخ الماسونية في العالم العربي كيف يمكن لمنظمة واحدة أن تُفسَّر بطرق مختلفة تمامًا، وأن تُصبح رمزًا للتنوير في فترة، ثم تتحول إلى رمز للمؤامرة في فترة أخرى. إن هذا الجدل المستمر حولها يعكس الانقسامات الفكرية والسياسية في المنطقة، ويؤكد على أن فهم الحقيقة يتطلب تجاوز الصورة النمطية والتعمق في التاريخ المعقد لهذه المنظمة.

كتاب تاريخ الماسونية في العالم العربي 
ستجد في هذا الكتاب تحليلًا دقيقًا للمراحل التاريخية التي مرت بها المنظمة في المنطقة، من بداياتها في القرن التاسع عشر إلى وضعها الحالي، مع كشف العديد من الأسرار والخبايا التي لم تُنشر من قبل.. 
 
  مصادر  
كيف دخلت الحركة الماسونية البلاد العربية وما هي نشاطاتها - جامع الكتب الإسلامية
الكاشف
الكاشف
أنا كاشف الأسرار، رفيقك في رحلة استكشاف أغوار التاريخ، الأساطير، والأحداث التي حيرت البشرية على مر العصور. في "عوالم خفية"، نغوص سوياً في قصص شخصيات محاطة بالسرية، حكايات قديمة لم تُروَ بعد بالكامل، ونفكك ألغازاً ظلت حبيسة صفحات الزمن. كل مقال هنا هو دعوة لكشف النقاب عن المجهول، وفهم ما يختبئ وراء الستار. انضم إليّ، ودعنا نضيء معاً تلك العوالم الخفية التي تنتظر من يكتشفها.
تعليقات



    "